تـــــــــــــــــــــأملات ( 8 )
بقلم : النجم الساهر
( أم )
مسكينة هي أمي لا تعرف سر نيتي عندما تقول ( أنا ابني عجناه وخبزاه )
لا تدري بأن ابنها قد تغير غيرته الأيام والأجواء
غيرته دقائق التأمل للبعيد وتحديقه المستمر والطويل للأفق البعيد
تناقلته الليالي بنجومها هنا وهناك وفي نهاية المطاف رمت به بلا إحساس
بعد أن تفننت بقتل مشاعره وأحاسيسه بعد أن أحرقت عيناه وغيرت ملامحه القديمة
مسكيناً أنا وليست أمي مسكيناً أنا لأني لم أختر العيش بحضنها
مسكينةً هي لا تعرف سر نيتي مسكينةً هي في عالمها وأنا في عالم آخر .
( علاقة غريبة )
انتهت علاقتهما التعارفيه أو بالأصح حذفت ايميلهُ
بإلحاحه و إصراره المستمر عليها بحذف عنوانه الإلكتروني أنهت علاقتها به
هي ستسعد بلا شك وبلا شك سيمضي هو نحو الفضاء
قد تكون بالنسبة له علاقة تاريخية لا تنسى لأنها ذهبت ورحلت بإرادته
ربما كان مغروراً وربما كانت هي كذلك
وربما لم يكونوا كذلك ربما كانت ملاك حائر وكان نجم تائه
وربما عاشا الصباح والمساء بغير أن يشعرا
لقد افترقا وهي مبتسمة مستغربه وهو سعيد مرتاح الضمير .
( يوم في حياة نجم )
كان يوماً طويلاً مليئاً بالانتظار و التأمل
جأتني فيه روزان وأمها وقد كنت أريد مصافحتها ولكني تراجعت بعد أن لاحظتها قد كبرت
وقد اكتفيت بالترحيب فقط و ظللت أفكر بما يجري لي وما النهاية
الإعجاب يحتويني والحب في خبر كان وعيناي الحقودتين التي لا تدعني أستقر
شتت تفكيري هنا وهناك
الأمل أتى بعد ذلك بتلك العينيين والشامة التي ما بينهما
الأمل أتى هذه المرة لكن مع ضباب كثيف و مخيف منعني من الكلام الكبير
غاب الأمل مجدداً عن عيني وظل اليوم طويلاً
ولكني بقيت مبتسماً لأن الأمل مازال يحتويني ويخطف نظري بالرغم من ذهابه سريعاً كالطيف .
( عندما يكون الدين مقدماً على الدنيا )
كانت هي وابنتها عندما بدأ بيننا حوار و كعادتي شجُون وأحب التعرف على كل شيء
سألتها من أي بلد أنتم ؟
أجابتني الأم : من كندا
استغربت ... وقلت : تتركون كندا وتأتون اليمن
قالت : نحن مسلمين
قلت : أو هنالك مسلمين أيضاً !!!
قالت : نعم ولكن الحياة هناك لا تقف معنا ولا مع ديننا
قلت : الحياة جميلة هناك
قالت : في تلك البلاد أعيننا ترى بغير إرادتها ما حرمه الله
إنك لا تستطيع الحياة في كندا إنهم كالحيوانات عندما تشاهدهم تتقزز من مناظرهم
وهم على حال سلوكياتهم السيئة
ثم سألتني من أي مدينة أنت
ولم تكن تعرفها لأنها لم تزر أي مدينة غير العاصمة التي تسكن فيها منذ فتره قصيرة
عندما هاجرت إليها منذ أيام
كما أنها قالت لي أن شهر رمضان القادم هو الثاني الذي سوف تقضيه هنا
كانت تتكلم معي اللغة العربية حتى أني استغربت بإجادتها لها بعض الشيء
رغم الفترة القصيرة التي لم تتجاوز الشهريين التي قضتها هنا
وكانت تحاور ابنتها بلغة موطنها الأصلي
وقالت أنها تتمنى زيارة بيت الله ولكن عوائق كثيرة تحول دون أمنيتها
تحتاج إلى وقت طويل
قلت : إن شاء الله تعالى تزورين الكعبة المشرفة
ثم ذهبت وهي تودعني بكلمات شكر و ابتسامة رضا .
( مشـــــــــــــــــــاهد )
- بعد واحد وعشرون عاماً من عمره
بعد إعجاب استمر ثلاث سنوات
انطلقت أولى هداياه لأمراه متزوجة لها أربعة أطفال
بإرادته اتخذ قرار الإهداء
وبعد يوم واحد عادت هديته
ربما لم يوفق في اختيارها
عادت إليه وعادت الحيرة لتحتويه مجدداً
حيره ولكنها من نوع أخر .
- حب الوحدة والجلوس مع الذات هو من جعله يسهر الليل
يخاطب صمته ويشكو له عما بداخله يرمي له هموم و متاعب يومه
الذي عاشه بلا إحساس .
- لقد فقد الإرادة و ترنح بلا عزيمة بعد أن كتب عليه القدر
بأن يكون المولود البكر و لأب عنيد
نعم لقد حظي هذا البكر التعيس بالتربية الإفتتاحية التدريبية
لم يكن وحده والده يعذبه حينها ولكن كان هو أيضاً يعذب نفسه .
- ها هو يسقط مرة أخرى ولكن هذه المرة كان قد فقد عقله
بعد أن شرد بعيداً مع الأجواء التي تغيرت هي أيضاً
لقد وقع بإرادته وعاد إلى عشه صامتاً يتأمل ذلك الفيلم الذي انسجم معه
و عاشه مع تلك العجيبة الغريبة ( العصرية )
لم يتوقف لحظه عن الكلام ظل يحاورها حتى بدأ يهلوس السهر أحبطه
فعلاً ولماذا سقط !!!
كعادته لم يستطع أن ينطق بكلمه واضحة يعبر فيها عن مشاعره .
- تمُر من أمامه ضاحكة بعد أن شردت قلبه و أرهقت ذهنه وبعثرت تنهداته وحطمت مشاعره .
- عندما ذابت الشمعة وانطفئ لهبها اختفى ذلك النجم الذي عاش لياليه على نور تلك الشمعة وعم الحزن أرجاء المعمورة و اختفت بقية النجوم التي كانت تخطو على درب ذلك النور المشع .
- غالباً هو يائس ويشعر بالملل عندما يطول ليله والغريب أنه يصارع هذا الملل بقراءة ذكرياته المؤلمة الحزينة اليائسة المقهورة ولا فرق بين ذكرياته و واقعه فلقد كتب عليه منذ الصغر أن يعيش حياة مومله .
- طعنته تخترق أحشاء بطنه يمسك بيده ويقول له أشكرك .. أشــــــ كــــ رررك ،،يغشى عليه سريعاً ويفترش الأرض والدماء تسيل من تحته ليدخل في غيبوبة أسعف هو أم لا فسوف يصحوا أو يموت .
- حركات لا إرادية و أنيين مستمر حتى يغلبه النوم ربما كانت علامات الرحيل ،،بلادة مسقط رأسه تمُر في خياله تناديه يبدوء أنه سيدفن هناك مسكين كم كان يحبها حتى رحيل النور منها ...وغربته بعد تلك الظروف و الأقدار .
(سلـــــــــــــــطانة )
رحلت سلطانة الطيبة و ودعت حياة عصيبة مريرة
انتهت حياتها التي قضتها في الريف مع زوجها المتعب
انتقلت إلى جوار ربها بعد ولاء لزوجها دام أربعين عاماً
أنجبت خلالها عشرة أبناء من البنين والبنات أغلبهم أخذوا طباع أبيهم
لم تكن سلطانة تخالف أوامر زوجها المهووس بالمشاكل مع الناس وعصيانه لربه
في قبرها وضع زوجها وسادة تحت رأسها وبطانية تحتها وقد قالوا له أن ما يفعله لا يجوز
ولكنه أصر وتم دفنها
دفنت سلطانة ورحل الناس بعد أن قاموا بواجبهم وبقي زوجها بجانب قبرها يسهر الليل
بعد أن وضع المصابيح و الأنوار وهو على هذا الحال حتى اللحظة
ربما أحس بالذنب تجاهها وتذكر الأيام التي قضتها معه صابرة على تصرفاته وهمجيته
وربما تذكر أيضاً نهار شهر رمضان عندما كان يأمرها بطباخة شيء يتناوله كوجبة غداء,
و أشياء أخرى لا أعلمها أنا .
( كـــانوا صـــــغاراً )
بعد شهر فقط من تعارفهما ببعض كتب لها رسالته الثانية
يخبرها بأنه لن يراها مره أخرى لأنه سوف يسافر مدينة بعيدة
ويطلب منها صورة شخصية لها
لم تتأخر بردها ولبت طلبه
ثم كتب لها رسالته الثالثة والأخيرة
ينصحها بعد التسرع والتفكير جيداً في أخذ قراراتها و ......الخ
اتصلت به تبكي وترجوه أن يحرق صورها
و إن لم يفعل فالصور أمانه في عنقه
و انقطع تواصلهما تدريجياً ...
وبعد ثلاث سنوات من احتفاظه بتلك الصور قرر تمزيقها .
( من هوايات عصرنا )
- العودة إلى الماضي والتأمل فيه لتجديد ألآم الذكرى المنسية .
- البحث عن المشاكل والعيش في ظلالها .
- حب النجوم بعيدة المنال .
- قطف الزهور الجميلة ورميها بعد استنشاق رائحتها العطرة .
- البحث عن النور في بلاد الأنوار .
- الصراحة في ظل السهر مع النجوم الوهمية .
( اكتشافات حائر )
اكتشفت أن روحي تعرفها منذ زمن بعيد
و اكتشفت أن عيوني عرفتها قبل ثلاث سنوات
و اكتشفت أني قد تعرفت عليها أكثر
ثم اكتشفت أن قلبي قد تعلق بها
و أخيراً اكتشفت بأني لم أكن بوعي عندما صرعتني كثيراً كثيراً مرارا وتكراراً
حتى استيقظت من حلمي البنفسجي .
( اعـــــــــتراف )
إني لا أتعجب إلى ما ألت إليه حياتي وإلى حالتي المتدهورة
سأسقط على صوت الموسيقى
سأهلك على غمزات النجوم
سأغدو مذنباً
و أصبح أسطورة
وسيروا قصصي في الظلام
عندما تحملني بضعة أكتاف معدودة
تجمعت من أرصفة الشوارع وأزقتها
بحثاً عن لقمة تشبع جوعهم
بعد أن ترمي بي في الجحيم القادم وتذهب
حينها سأبكي على جحيمي الماضي المزعج المليء بالكائنات
و هنا سأتأمل تأملاتي وحيداً
و سأرويها لنفسي و سأقودها إلى يوم النهاية الوشيكة .
* * * * * * * * * * *
انتهت تأملاتي الثامنة بحمدالله تعالى و عونه
هي بقلمي الحزين الحزين دوماً
( النجم الساهر )
- عمرو على محمد مطيع الذهب .
الرئيسية 
